الرياضة المدرسية العربية … بين الواقع والطموح نموذج التجربة المغربية و البحرينية

تحرص كثير من دول العالم على إعداد برامج لاكتشاف المواهب الرياضية في المدارس، ومن ثم العمل على دعمها ورعايتها من خلال مدربين وخبراء ذوي صلة بالشأن الرياضي.
يشير بروفيسور أوين كال إلى أن الموهبة الرياضية يمكن اكتشافها منذ وقت مبكر، وإذا كانت المدرسة تشكل البيئة الخصبة لإنمائها، فإن ثمة عوامل عديدة تدفع نحو احتضان هذه الموهبة، ولأهمية ذلك فقد دخلت العديد من المؤسسات والهيئات المستقلة والأندية الرياضية في حقل الاستثمار بهذه المواهب، باعتبارها ستمثل الأندية والمنتخبات الوطنية في المناسبات الرياضية التنافسية.


فماذا عن اكتشاف المواهب الرياضية في المدارس..؟ وكيف يتم دعمها ورعايتها..؟ وماذا عن التجارب العالمية والعربية في هذا الشأن..؟
تعرف الموهبة الرياضية بأنها الشخصية التي تتوافر فيها صفات وخصائص ذات أكثر من بعد بدني ورياضي، بحيث تستطيع بمزيد من الرعاية والتدريب تنمية قدراتها في اللعبة أو الألعاب الرياضية التي تجيدها، وبحسب تقييم المدربين، فإنه يمكن تحديد الموهبة وقياس قدراتها على نحو علمي صحيح، ومن ثم إمكانية المساهمة بقدر كبير في تطويرها وإتاحة الفرصة لإبراز إمكانياتها..


لقد وفرت الأدوات والتقنيات الحديثة لتقييم قدرات الموهوب، مع اختبارات محددة يتم تحديدها بعناية، تتضمن القدرة على التحمل والسرعة والمهارة الحركية والقوة الذهنية، ومن ثم يستطيع الخبير الرياضي تحديد توجه الناشئ إلى الرياضة التي تناسبه أكثر، ويمكن من خلال ممارستها تحقيق تألق ونجومية.
وكان نفر من الباحثين قد حددوا مجموعة من خدمات الدعم التي يجب أن توفرها المدارس لاكتشاف ورعاية المواهب الرياضية، نذكر منها:
– إدارة وتنفيذ برامج تحديد المواهب في المدرسة، بالتشاور مع خبراء في الأندية والمؤسسات الرياضية.
– تصميم وتنفيذ استراتيجيات توظيف الرياضة لاكتشاف واستقطاب المواهب الرياضية الجديدة.
– تسهيل نقل المواهب من الطلاب الرياضيين وإدماجهم في التدريبات، دون التأثير على مستقبلهم التعليمي.


– تحديد المتطلبات البدنية والفسيولوجية للموهبة الرياضية، ومن ثم تنميتها، بما يساهم في البناء التكاملي للجسم الرياضي.


– توفير الملاعب الرياضية في المدارس، باعتبارها الميدان الذي يبرز فيها الموهوب قدراته ومهاراته الرياضية.


– ألا تقتصر برامج اكتشاف ورعاية المواهب الرياضية على المدارس الكبيرة، أو الكائنة في المدن، فكم من موهبة رياضية ناشئة ظهرت في المناطق الريفية والنائية، وكان لها صيت على المستويين الوطني والعالمي.
– يجب أن ينظر إلى الرياضة المدرسية باعتبارها جزءًا مهمــًا من التجربة التعليمية الشاملة للناشئ.


– الـتأهيل النفسي الجيد للناشئ الموهوب، حيث أن ذلك يعد عاملًا قويــًا للحد من التوتر والقلق لديه.. لقد ظهر خلال السنوات العشر الأخيرة، العديد من الأبحاث والدراسات الأكاديمية، حول علاقة المدرسة بالرياضة، والتي أكدت نتائجها ضرورة إعطاء مساحة أوسع، وزمن أكبر، لممارسة الرياضة في المدارس، منها دراسة (تاروس/2005م)، حول مشاركة الطلاب في برامج النشاط البدني والرياضي، والتي أكدت أن زيادة ساعات الوقت المخصص للتربية الرياضية إلى 8 ساعات في الأسبوع، لدى مراحل التعليم الأساسي، لا يؤثر البتة على الجانب التعليمي المقرر في المنهج الدراسي، وفي دراسة لكل من (فيركلوف، وستراتون/ 2008م)، حول «أهمية النشاط الرياضي في المدارس»، جاءت التوصيات بضرورة إفساح وقت أكبر لممارسة الرياضة في الملاعب، والتي ثبت أن لها فضلاً في تنشئة مواهب رياضية، كان لها شأن عظيم في فضاء الرياضات الفردية والجماعية، وأشارت إلى أن ممارسة الرياضة يحسن من التحصيل الدراسي، وليس العكس كما يظن البعض، وحول ذلك أيضــًا ظهرت دراسات لكل من سيمونز وساتشر، وكان الأخير قد أشار إلى أهمية تفعيل (اليوم الرياضي) في المدارس على نحو جيد، حيث تنظم الأنشطة والمسابقات الرياضية، التي يبرز فيها الناشئ مواهبه المهارية.


وفي الدول العربية، ثمة تجارب معتبرة للنهوض بالتربية الرياضية في المدارس، والسعي إلى اكتشاف ودعم المواهب الناشئة منذ وقت مبكر، وتتعاون في ذلك وزارات التربية والتعليم مع وزارات الرياضة وكذا مع الأندية الرياضية، ولنأخذ التجربة المغربية وكذا التجربة البحرينية على سبيل المثال لا الحصر:


التجربة المغربية:


حيث اتسعت فسحة النشاط الرياضي في المدارس العامة، وصار لها (معلم/مدرب)، حاصل على تخصص رياضي جامعي، وله خبرة تراكمية من خلال الدورات التدريبية النظرية والعملية التي تنظم له، إلى جانب ذلك أنشأت وزارة الشباب والرياضة، العديد من المدارس التابعة لها، والتي تمثل وسيلة فاعلة لتمكين «الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين 6 و12 سنة، من الاستئناس مع ممارسة العديد من الأنواع الرياضية، وذلك من تأطير مربين رياضيين ذوي شواهد معترف بها من طرف الدولة، ومن خلال دورات تهدف إلى اكتشاف القدرات الذاتية لكل طفل»، وتسعى هذه المدارس الرياضية إلى:


أولًا:على المدى القصير: استغلال وقت الفراغ بالنسبة للأطفال لممارسة مختلف الأنشطة الرياضية المفضلة، وكذا الاستئناس والتعرف على مختلف الأنواع الرياضية.
ثانيــًا:على المدى المتوسط: التنقيب عن المواهب في سن مبكرة من أجل صقلها والتحاقها بمراكز رعاية الناشئين.


ثالثــًا:على المدى البعيد: اكتساب مهارات حركية في جميع التخصصات الرياضية.


التجربة البحرينية:


اعتمدت مملكة البحرين في العام قبل الماضي، ما يعرف ببرنامج اكتشاف المواهب الرياضية في المدارس الحكومية، وهو نتاج شراكة بين وزارة التربية والتعليم والمؤسسة العامة للشباب والرياضة واللجنة الأولمبية البحرينية، ويهدف البرنامج إلى:


– البحث واكتشاف المواهب الرياضية لدى الطلاب في مدارس المملكة للبنين والبنات..وبحسب المشرف العام على البرنامج، فإن مرحلة الاختيار، وهي المرحلة الأساس في اكتشاف المواهب الرياضية، تعتمد آلية تنظيمية متدرجة، تبدأ من الفئات العمرية الأقل، وأنها تعد فرصة لتعليم الكثير من الجوانب السلوكية الإيجابية، وحصول الطلاب على التكيف مع العمل ضمن فريق، فضلاً عن الجوانب الصحية لممارسة الرياضة، وأن الشراكة بين وزارة التعليم والمؤسسة العامة للشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية، إنما تهدف إلى جعل هذا البرنامج ناجحــًا، حيث إنه يضع الموهبة على الخطوة الأولى للنجومية الرياضية، وينعكس على أهم المكاسب بين التدريب والمجالات التعليمية، وبحسب أحمد الدرازي المدير الفني للعبة المبارزة، وأحد الأعضاء الفاعلين في البرنامج، فإن»الاختبارات الجارية اليوم لاكتشاف المواهب واعدة بمستقبل مشرق، خاصة في ظل الدعم اللا محدود من قبل الجهات الراعية»، وأشار خالد خلفان المسؤول عن إدارة لعبة التيكوندو في البرنامج، إلى أن»البرنامج يعد رائدًا في المنطقة، وهو فرصة للتعرف على أحدث التطورات في عالم الإعداد البدني للفئات الناشئة، ويعكس الالتزام بتطوير قاعدة الرياضة في مملكة البحرين.
أرى انه يمكن عربيا التطوير على هذه التجارب وعقد ورشات عربية تربوية للاستفادة والتطوير لانه بدون التخطيط الجاد للرياضة المدرسية فانن التطور الرياضي العربي سيبقى بطيئا جدا بل ومتعثرا.

Enregistrer un commentaire

0 Commentaires